تفسير الرؤى و الأحلام وأثره على الفئة الضالة

د. علي بن عبدالعزيز الشبل

إن موضوع تعبير الرؤى والأحلام راجت سوقه في هذا الوقت، وعظم الاهتمام به في طبقات عدة من الناس، واحتاج هذا الموضوع الى ايضاح وتفصيل لأحكامه، تبصرة وذكرى، وتنبيهاً على الأخطاء في الموضوع.

٭ فأولاً: قد صح في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا الصالحة جزء من ستة واربعين جزءاً من النبوة» ووجه ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة بستة اشهر كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ومدة نبوته في مكة ثم المدينة ثلاث وعشرون سنة، فصح ان الأشهر الستة بالنسبة إلى الثلاث وعشرين سنة جزء من ستة واربعين جزءاً، وقيل غير ذلك من الاوجه.

٭ ثانياً: قسم العلماء ما يراه الناس في مناماتهم إلى ثلاثة اقسام:

1- رؤيا صالحة، فهي من الله عز وجل بشرى وفرح وتطمين.

2- وحلم مؤذ من الشيطان، تحزين وتخويف وأذى.

3- وأضغاث أحلام، وحديث نفسي لا أثر له، ولربما رجع إلى احد النوعين السابقين. فالحاصل ان المعتبر في القسمين الأولين.

٭ ثالثاً: للرؤى الصالحة احكام واعتبارات يجب مراعاتها والتنبه لها:

  • فهي بشرى وتطمين من الله عز وجل.
  • وينبغي حمد الله عليها والثناء عليه بها.
  • وألا يحدثها الإنسان إلا الى من يحبه، ويتمنى له الخير، ولا يعرضها إلا على لبيب عالم ناصح، يظن فيه الخير، وهو من اهل الصدق والأمانة، وليحذر اهل الهوى والتعالم والإدعاء.

٭رابعاً: فإن للحلم الذي هو تحزين وإفزاع من الشيطان احكام صحت في السنة النبوية يجب مراعاتها والعمل بها، واهمها:

1- اذا رأيت حلماً مفزعاً، فانتبهت من نومك، فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، حيث هو سبب هذا التحزين – ثلاثاً في شمالك.

2- وتعوذ بالله ايضاً من شر ما رأيت، ثلاثاً، فإنها لا تضرك بإذن الله.

3- وتحول إلى الجهة الاخرى من منامك، فإن نمت على جانبك الأيمن فانتقل إلى الجانب الأيسر، وان كنت على الجانب الايسر فانتقل إلى الايمن، وان كنت على ظهرك، فانتقل إلى الجانب الايمن.

4- فإن تكررت الأحلام والمنامات المزعجة عليك، فقم وتوضأ، تم صل ركعتين واعلم انها لا تضرك ان شاء الله، وبهذا تحزن وتكبت انت الشيطان.

5- يجب عليك ان لا تتحدث بهذا الحلم او تشغل به نفسك وخاطرك بالتفكير فيه. لأنه لا يضرك والحالة هذه.

كما يجب ان تنتبه الى الا تسأل عن هذا الحلم في تعبيره وتفسيره لانه لا يعدو ان يكون من عدوك الشيطان تحزيناً لك وتخويفاً وإفزاعاً، واهمالك له، وعدم انشغالك به دحر لهذا الخبيث وراحة لبالك ونفسك.

٭ وخامساً: يجب العلم بأنه لا يترتب على المنامات اية احكام دينية شرعية او اعتقادات. لأن العلم والقول والاعتقاد مبني على الوحي الشريف من كلام الله القرآن، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الصحيحة فقط.

حيث يبني الصوفية واهل البدع والخرافة والشعوذة، وبعض الفرق واهل الهوى على الرؤى المنامية احكاماً شرعية، واعتقادات دينية ليست صحيحة، بل هي من الهوى والشيطان، ويعتبرون المنام مصدراً من مصادر الديانة بالالهام!

٭ سادساً: يجب على المسلم العاقل – ولا سيما النساء وضعاف الإيمان – الحذر من مدعي التعبير من المتعالمين والجهال واهل الكذب والشعوذة والخرافة الذين يدعون علم الغيب، ويروجونه على الناس بدعوى تعبير المنام!

وأن لا يعرض المسلم ما تشدد الحاجة الى تعبيره من منامه إلا على أهل العلم والصدق والخبرة والديانة فقط، ويحذر من سواهم أشد الحذر.

٭ سابعاً: لا يسوغ للمؤمن ان يسأل عن كل رؤيا ومنام رآه، بل يكون عاقلاً فطناً.

كما لا يليق تضييع الأوقات بالجلوس لتعبير الرؤى او نشر الهواتف والعناوين، والمراسلات، وابراز وسائل الاعلام للقضايا الشخصية والمنامات الخاصة، فإن هذا من عدم الستر ومن الترويج الفاسد لهذه البضاعة، وتضليل الناس وتشويش عقولهم وقلوبهم.

مع ما ينضاف إلى هذا العبث من حب الشهرة والظهور، وعطف الناس اليهم مما هو فتنة للناس ولهم.

والمناط في ذلك كله، والمدار على تقوى الله ومخافته ومراقبته، وخشيته.

واني اخشى ان ينصرف الناس عبر تطاول الزمن على الوحي الالهي في كتابه وسنة نبيه الى الاوهام والظنون والاهواء، من خلال التعليق بالرؤى والمنامات وما يجره ذلك من الخرافات، فينزلقوا في مهاوي التصرف وشطحات الصوفية لا سيما اذا استصحبنا ان المنشغل في التعبير والبحث عنه في جمهرتهم من العوام وانصاف المتعلمين. ولا اظن دعوى ادعاء المهدي المنتظر عنا ببعيدة وما جرته على العباد والبلاد وعلى حرم الله من الفتنة الهوجاء، والله المستعان.

أضف تعليق